مجلة فكرية سياسية ثقافية تعنى بشؤون الشرق الأوسط

مفهوم الأمة الديمقراطية والشرق الاوسط

نص الحوار الذي اجرته مجلتنا “مجلة الشرق الاوسط الديمقراطي” مع رئيس منظمومة المجتمع الكردستاني السيد “مراد قره يلان”، حول التغييرات والمستجدات الراهنة في الشرق الاوسط وعلاقتها مع مفهوم الأمة الديمقراطية

مراد قريلان
مراد قريلان

– كيف تقيمون التطورات السياسية الاخيرة في الشرق الاوسط من بعد دخول الانتفاضات الشعبية عامها الثاني في عموم المنطقة وخاصة توجهها صوب مرحلة انشاء جديدة؟
السيد مراد قره يلان: لم يتوان الشرق الاوسط عن لعب دوره الاستراتيجي المركز على مر جميع المراحل التاريخية، حيث كان مهد الحضارة الانسانية منذ النشأة. اي ولدت الحضارة الانسانية باطراف جبال زاغروس وترعرعت بثقافة تل خلف حتى مصر، لتصبح ارضية خصبة للمعرفة والعلوم الانسانية، كما تكوّن هلال الخصيب على اسس ذلك. لم يفقد الشرق الاوسط اهميته التاريخية هذه الى راهننا. فالى جانب نمو وعي الانسان وولادة حضارته وانتشارها في العالم من صلب هذه الجغرافيا، كانت مكان انطلاقة الاديان السماوية الثلاث وانتشارها في العالم ايضا. ولم تبخل هذه الارض في نشر فلسفة وافكار زردشت وماني والكثير من المفكرين والعلماء الذين دفعوا حياتهم ثمنا للبحث عن الحقيقة. كما تطورت العلوم الانسانية في هذه الجغرافيا كالتصوف والفلسفة والعلم والمعرفة استنادا على الثورة النيولوتية الانسانية الاولى، ومازال الشرق الاوسط يحتفظ بدوره هذا في راهننا. يمكننا القول بان من يحكم الشرق الاوسط بامكانه حكم العالم باسره، والتاريخ شاهد على ذلك، حتى انه لم يفقد دوره الاستراتيجي هذا بالنسبة للقوى العالمية العظمى في التحكم بالعالم. كما هو معلوم ان عصرنا قد اصبح عصر شيخوخة الرأسمالية ونهايتها من جانب، وعصر تطور التكنولوجيا والمعلوماتية الى حدود يمكننا تسميته بعصر ثورة المعلوماتية والتقنية “الانترنت” من جانب اخر، كون الاتصالات السلكية واللاسلكية وصلت الى القمة لتحدث تغيرات جذرية هامة في العالم. ومع تصاعد النمو الصناعي والتطور التكنولوجي، ازداد اهمية ثلاث مواد رئيسية مولدة للطاقة وهي (البترول، الغاز الطبيعي، مياه الشرب). تسعى القوى العالمية الى فرض سيادتها على منطقتنا بسبب تمتعها بغنى الثروات الباطنية من النفط _ان النفط المستخرج الان في العالم موجود نسبة 66% في الشرق الاوسط_ والغاز الطبيعي والمياه، وكذلك موقعها الجغرافي الاستراتيجي الذي يربط القارات الثلاث الاسيوية والافريقية والاوروبية مع بعضها البعض، زاد من اطماع القوى الامبريالية الغربية والامبراطوريات العالمية، لتحولها وعلى الدوام الى منطقة صراع ونزاع وحرب ولا استقرار كما عليه الحال الان.
الرأسمالية الغربية وبالأخص الرأسمالية الاوربية قد أصبحت عفنة ومسنة وعاجزة في تحقيق تقدم للرأسمالية، حتى وان كانت امريكا مازالت تحافظ على حيويتها ولكنها تعاني هي ايضا حالة شديدة من الفوضى. الى جانب ذلك، تتطور الصناعة في الصين بسرعة كبيرة وبوتيرة 7% وإذ ما استمرت على هذه الشاكلة ستتحول الى البلد الصناعي الاكبر في العالم بعد25 عاماً. كما ان الهند تتطور ايضاً وستكون بحاجة ماسة جدا الى الطاقة، لذا ستحاول فتح طرق الحصول عليها بشكل ما، وهذا ما يقلق ويزيد من مخاوف القوى الرأسمالية الغربية الآن. إذا ما ازداد حاجة هذا العملاق الى المواد الصناعية الخامة، فان تأمينها سيؤثر بشكل او بآخر على الشرق الاوسط الى درجة يمكن لها ان تقوم باستهلاك الطاقة الموجودة بنسبة تفوق نسبتها السكانية. لذا فان هذا الوضع يتحول الى كابوس في حلم الرأسمالية الغربية، وخاصة إذ ما تقدمت الصين وروسيا والهند مستقبلاً صوب هذه المنطقة. هذا بدوره سيكون نقطة النهاية للراسمالية الغربية.
روسيا ايضا من المناطق الهامة التي تتوافر فيها الغاز الطبيعي، وإذا ما اتحدت مع الشرق الاوسط سيرغما اوروبا على الخضوع لهما، اي يرى الغرب إذا لم يتخذ تدابيره المستقبلية وفقد حكمه في منطقة الشرق الاوسط سيضطر الى الخضوع للراسمالية الشرقية. يبدو بان الصراع سيكون على هذا الاساس بين الراسمالية الغربية والراسمالية الشرقية، ولكي ينجح الغرب بسيادته في المنطقة سعى ومنذ عام 1991 الى تنفيذ مخطط التدخل الخارجي والمستمر الى راهننا. وعلى هذا الاساس تسعى الراسمالية الغربية الى القضاء على جميع القوى التي تصبح عائقاً امامها وتصفيتها، أي انها تشن حرب عالمية ثالثة في المنطقة بطريقة سرية وطويلة الامد، وبهذا تريد ضمان فرض سيادتها عبر الحد من جميع العوائق النابعة من الشرق الاوسط.
هناك اطراف عديدة تشارك في الحرب الدائرة في المنطقة وهي اوروبا وامريكا من جانب وروسيا والصين وحتى الهند من جانب اخر، حيث يعتمد كل طرف في حربه على حلفائه الموجودين في المنطقة. ان حلفاء امريكا في المنطقة هم تركيا والسعودية والقطر، اما حلفاء روسيا والصين فهم ايران وسوريا والعراق. في الحقيقة ان هذه القوى تشكل اساس النزاع القائم في هذه الحرب. لكن ظهر طرف ثالث على الساحة وهذا الطرف يتشكل من الحركات الشعبية المطالبة بالحرية والديمقراطية. وهنا نود التطرق ولو بايجاز الى حقيقة هذا الطرف واسباب ظهوره. لقد تم تجزئة المنطقة من قبل القوى العالمية المهيمنة بقيادة انكلترا وفرنسا عبر اتفاقية سايكس بيكو عام 1916 وضمان تطبيقها في معاهدة لوزان عام 1923، ومن ثم ايدتها كل من امريكا والاتحاد السوفييتي، اي ان القوى الغربية الخارجية هي التي قامت باعادة بناء النظام الجديد هذا في الشرق الاوسط رغما عن ارادة شعوبها، كون هذا النظام مثلَ مصالح هذه القوى. حيث تم تجزئة الوطن العربي الى 22 دولة وكردستان الى اربعة اجزاء. ولم تعترف هذه القوى بالشعب الكردي ووطنه كردستان بالرغم من انها كانت تتحدث في البداية عن بناء كردستان ولكنها جاءت من العدم فيما بعد. كذلك استولت ايطاليا على ليبيا وقسمت فرنسا وانكلترا الدول المتبقية في المنطقة فيما بينها، اي قامت هذه القوى برسم خريطة الشرق الاوسط رغما عن ارادة شعبها.
لم يكن هناك اي تغييرات جذرية الى عام 1945 وحتى بعده، بل وجد تغيير في سبل النظام المنعقد في لوزان وحمايته حتى من بعد تاسيس الدولة الاسرائيلية. لم تترك كل من فرنسا وانكترا ورائهما سوى دول شبه مستعمرة ونصف مستعمرة من بعد خروجهم من الشرق الاوسط. ظهر فيما بعد البعض من الحركات المعادية للرأسمالية المعاصرة التي كانت لها مراقبة دائمة على المنطقة بطريقة او باخرى. باختصار، تم بناء نظاما وفق مصالح القوى الخارجية والراسمالية العالمية رغما عن ارادة شعوب المنطقة. حتى يمكننا القول بان هذا النظام لم يكن قادرا على تلبية متطلبات مصالح الغرب والراسمالية العالمية ايضا، لذا نرى بان هناك سعي دؤوب وبكافة الوسائل الى تخطيه في هذه المرحلة.

عانت شعوب الشرق الاوسط الكثير تحت ظل الانظمة الديكتاتورية القمعية وخاصة الشعب الكردي

الذي بقي وعلى الدوام عرضة للانكار والابادة الثقافية والمجازر الجماعية والهجرة القسرية والفقر والحرمان. كذلك لاقى الشعب العربي نصيبه من هذه الاضرار الجسيمة. قام النظام بتصنيف الشعوب الى طبقات، حيث شكل كل من الترك والفرس الطبقة الاولى والعرب الطبقة الثانية، اما الطبقة الثالثة فتكون من الكرد والاشوريين والارمن. لم يصبح العرب سلطة قوية ابدا في المنطقة، لانه وجد وعلى الدوام قوى تتحكم بهم، فمثلا تحكمت بهم الامبراطورية العثمانية الى العهد القريب وكذلك وجدت على الدوام قوى تسعى الى تحقيق اهداف الامبريالية براسمالها وتقنيتها.
ينتفض الشعب العربي في وجه الانظمة الديكتاتورية والملكية التابعة للقوى الغربية والامبريالية اليوم ويتصدى لها، بسبب ممارسة هذه الانظمة والقوى لابشع انواع القمع والاستبداد ضده. في الحقيقة لم يقف الشعب الكردي مكتوف الايدي امام هذه الممارسات طيلة تاريخه والى راهننا، واليوم يتصدى الشعب العربي بكل شجاعة ويقدم تضحيات كبيرة في سبيل تحقيق حريته، وهذا بدوره يدل على نهاية هذا الكابوس وبداية مستقبل جديد لشعوب المنطقة. لم يكن هناك اي اعتبار لارادة الشعوب في ظل الامبراطوريات السابقة كالامبراطورية العثمانية التي لم تترك اثرا خلفها سوى التخلف والفقر، وكذلك في ظل النظام الراسمالي الذي جزء المنطقة الى ايالات ودويلات هزيلة نهب قيم الشعوب واعاق تطوره وابعدته عن حقيقته التاريخية والثقافية والاجتماعية. ان شعوب المنطقة قادرة على ادارة نفسها بنفسها وبمكانها احراز اشواط بالغة في التطور اعتمادا على غناها التاريخي والثقافي، كون منطقتنا كانت منبع الحضارة والمعرفة والكرامة الانسانية. فلماذا بامكان الشعوب ان تتطور في اوروبا وامريكا والصين وروسيا وليس بمقدور الشعب العربي، الكردي، التركي والفارسي التقدم وتحقيق حرياته! ان السبب يعود الى ممارسات الانظمة المتسلطة على رقابه. بامكان شعوب هذه المنطقة التطور والتقدم بسبب تاريخه الاجتماعي والثقافي والاقتصادي الذي لا مثيل له في العالم.
تقضي الحداثة الرأسمالية اليوم على جميع القيم الانسانية وتشوهها الى درجة لم تترك مكانا للاخلاق والكرامة وحولت سيادة المال والتقنية الى كل شيء. كما ابعدت الانسان عن جوهره وحولته الى آلة في خدمة مصالحها عبر تكريس ذهنيتها الفردانية البعيدة عن القيم الاجتماعية للمجتمعات البشرية. ولكن مقابل ذلك ظهرت حركات ثورية سعت الى تحرير الانسان والمجتمع ومنها الحركات اليسارية والشعبية والثورية الكادحة، ولكن هي ايضا نالت نصيبها من بعد انهيار الاشتراكية المشيدة ولم تنجو من كونها قوة احتياطية للحداثة الراسمالية، وبذلك لم تستطع تخطي ذهنية النظام الراسمالي. لكننا نرى اليوم وجود ارضية خصبة لتخطي هذا النظام في الشرق الاوسط وتشكيل البديل، وهذا بدوره ما يزيد مخاوف وقلق القوى العالمية.
يمكننا ان نجد بديل النظام الراسمالي في فكر واطروحات قائدنا “عبدالله اوجلان” وذلك في بناء مجتمع اخلاقي سياسي اكولوجي مستند على النظام الكونفدرالي الديمقراطي وبمفهوم الامة الديمقراطية. ويمكننا ان نقيمها كانبعاث جديد نابع من عمق تاريخ مزوبوتاميا وحضارتها الانسانية. بالاضافة، يمكننا تسمية هذا الفكر بتركيبة علم وحضارة الشرق والغرب، لكن ليس وفق نمط الاشتراكية المشيدة ولا بطريقة الحداثة الرأسمالية، كون هذا الفكر براديغما جديدة “براديغما المجتمع الديمقراطي الاكولوجي”، ويشكل بديلا للنظام الموجود.
اما بخصوص الحركات الشعبية والانتفاضات العارمة التي اندلعت شرارتها الاولى من تونس ومصر وعمت اغلب بلدان الشرق الاوسط، فهي حركات شعبية تحررية تطالب بحرية الشعب العربي واشارة قوية الى انهيار الانظمة الكلاسيكية والتي يمكننا وصفها بالانظمة القمعية والاستبدادية التي لم تاتي سوى بحكام متسلطين في المنطقة. بمعنى اخر تنادي الشعوب بـ كفى للانظمة القمعية سعيا الى وضع نقطة النهاية لهذا الوضع الذي كادت الشعوب ان تختنق تحت نيرها، ولانها طالبت بالحرية والديمقراطية والتشارك العادل على مر تاريخها ولم تتوقف يوما عن احياء قيم الحضارة الديمقراطية.

انبعثت آمال الشعوب مجددا من بعد هذا الفيض العارم للتعبير عن ارادته الحرة في بناء شرق اوسط ديمقراطي

، ان هذه الانتفاضة هي نهضة شعبية وتمرد ضد الانظمة التعسفية الديكتاتورية. من بعدما بدأت هذه الانتفاضة والقوى الراسمالية تسعى الى التحكم بها وتسخيرها تحت خدمة مصالحها حتى لا تتطور بارادتها الذاتية الحرة، اذ تريد القوى الرأسمالية الغربية اليوم اعادة بناء نظامها عبر تسخير نتائج هذه الانتفاضة في خدمة مصالحها. وبهذه الطريقة تريد التظاهر بمساندة ودعم التغيير القائم، لكنها في النهاية تريد تحريف مسار الانتفاضة وتحطيم ارادة الشعوب زعماً بمساندة ودعم مطالبها في الحرية والديمقراطية حتى تتمكن من التحكم بها وتوجيهها كيفما تشاء ضمن اطار نهجها. يمكننا القول بان هذا النوع من التقرب يعتبر تدخلا وتوجيها وفق مصالحها. كما توجد قوى ترفض هذا النوع من التغيير والتوجيه وتسعى الى اعاقتها، وذلك تجنبا للتهديد وخطورة الغرب مثل ايران وسوريا.
يبدو في الساحة ثلاث اطراف، الطرف الاول: النظام الرأسمالي الشرقي والغربي، ولكل واحد حليف في المنطقة، كذلك يوجد المحافظين على النظام الحالي، حيث تخاف هذه الفئة من سلطة الغرب وتقاوم سعيا الى الحفاظ على قيمها، لكن تبدو هذه القوة ضيقة الافق وغير قادرة على تحقيق الحرية والديمقراطية مثلما تُوعد به، وكذلك لم يعد هناك شيء تمنحه لشعوب المنطقة. لم يعد بامكان النظام الاستمرار بسلطته عبر العنف، كون هذا العصر هو عصر جديد ولا يمكن الاستمرار بالقديم في الشرق الاوسط. اما الطرف الثاني فهي الرأسمالية الغربية ووسطائها مثل تركيا والسعودية. والطرف الثالث هي القوى الديمقراطية الشعبية، قد لا تكون هذه القوى منظمة وفق المطلوب، ولكن إذا ما ارادت هذه القوى ان تحقق مطالبها في الديمقراطية فبامكانها تحقيق ذلك وفرض ارادتها الحرة. حيث مازال الوضع متشابك ومتوتر في تونس ومصر، اما ليبيا فلها وضع خاص ولكن كل هذه البلدان لها ديناميكيات قادرة على تحقيق مطالبها في الديمقراطية، اما في البحرين فما زالت قيد التحقيق والبحث. بايجاز، يتوجه الشرق الاوسط نحو اعادة بناء نظام جديد، وإذا ما تقدمت الشعوب بارادتها الحرة، سيتحول الشرق الاوسط الى شرق اوسط ديمقراطي. و

نحن كحركة نضالية تحررية نسعى الى بناء نظام كونفدرالي ديمقراطي جديد في الشرق الاوسط

بقيادة القائد “عبدالله اوجلان” وضمن اطار توجيهاته. ونؤمن تماما بان هذا النظام سيكون نظاما بديلا يعبر فيه جميع شعوب المنطقة عن حرياتها بارادة مستقلة. ولكن الى جانب هذا يبدو بان القوى المتصارعة ستصر في الاستمرار بحربها ولكن الكفاح الموجود يزيد من آمالنا.

هل يمكن لمرحلة الانشاء هذه الفوز بنظام ديمقراطي قادر على ان يعبر فيه الكل عن نفسه بحرية في الشرق الاوسط ما لم تستند الى مفهوم الامة الديمقراطية؟

السيد مراد قره يلان : إذا تحلت الشعوب بارادة حرة وناضلت على اسس الاخوة والمساواة، فستكون قادرة على تحقيق الحرية والديمقراطية في المنطقة. لقد بدى واضحا بان شعوب المنطقة تحيا مفهوم الامة الديمقراطية وخاصة من خلال انتفاضة الشعب العربي، واثبت مرة اخرى بانه شعب لا يمكن الاستخفاف بقوته ولا يمكن له ان يقبل باي نوع من انواع السلطات الديكتاتورية التي حكمته قرونا عديدة. قد تحمل اعباء انظمة كلاسيكية وعانَ طويلا تحت ظل نيرها، لكنه نهض الان ويطالب بحريته من دون خوف. ان ذلك هام للغاية لانه بنهوضه هذا يحقق تغييرات هامة، لكن إذا لم يتحلى بمفهوم الاخوة والمساواة والسلام قد يسير صوب بؤر اخرى. يمكننا القول بان هذا السيل من الانتفاضات سيوجه بشعوب المنطقة الى الحرية، ويبدو انها مصرة في تحقيق خطوتها هذه. مثلا، هناك حرب دائرة في سوريا ولكن ما هي القوى التي تدعم المعارضة فيها؟ بالطبع تركيا والسعودية وذلك باسم تأييد ومساندة المطالب الشعبية، ولكن إذا تطلعنا الى حقيقة الامر، فان هذان البلدان لا ديمقراطيان. حتى وان تظاهرت تركيا بالتقدم والديمقراطية ولكن ما هو إلا تزييف في الجوهر وحتى انها ديكتاتورية شوفينية، وكذلك لا توجد الديمقراطية في السعودية، ولا يمكن لاحد القول بان السعودية مملكة ديمقراطية وذلك بسبب ذهنيتها الكلاسيكية الضيقة، فعلى سبيل المثال حتى الان المراة محرومة من حق السواقة في هذا البلد بالرغم من اننا نعيش قرن الحادي والعشرين. إذن، فكيف يمكن لهذين البلدين ان يساندا سوريا في تحقيق ديمقراطيتها! والعكس صحيح. فمازال النظام القديم في سوريا قائم على الحكم، ولكن قواها المعارضة ليست بافضل من النظام نفسه. بالطبع ستسعى الدول الخارجية الى اعاقة تحقيق مطالب الشعوب في الديمقراطية والحرية وتحطيم ارادتها، لكن الشعوب لن تقف مكتوفة الايدي من بعد الوعي الديمقراطي الحر هذا وستواصل مسيرتها حتى وان بدى هذا النضال طويل الامد.

كيف تقرأون دور الامة الديمقراطية في بناء الكيان الاخوي للشعوب في الشرق الاوسط وخاصة بين الشعبين العربي والكردي في سوريا؟
السيد مراد قره يلان: ان مفهوم الامة الديمقراطية نظرية جديدة وقد تناولت مجلتكم هذا الموضوع الجديد مرات عديدة، وانني على ثقة بانه موضوع هام وعلى الكل تناوله وفق جوهره الحقيقي المعتمد على قيم الحضارة الديمقراطية التي تحيا في لبنة تقاليدنا الثقافية. ان مفهوم الامة الديمقراطية محور جديد مناهض لنظام الحداثة الرأسمالية. طورت الحداثة الرأسمالية النظام القومي والدولة القومية، وانتشرت في العالم مع قيام الثورة الفرنسية عام 1789، لانه لم يكن لها وجودا قبل هذه الثورة. مثلا، كانت الشعوب المسلمة التي تنتمي الى قوميات مختلفة تعيش مع بعضها تحت ظل حكم الامبراطورية العباسية، اي كانت هناك امبراطوريات كبرى ولا وجود للدولة القومية، ولكن بدات مع سلطة الحداثة الرأسمالية والبرجوازية. يمتد نشوء الدولة القومية الى العهد القريب اي الى حوالي قرنين لا اكثر، وهذا بدوره ما ادى بالحداثة الراسمالية على عدم ترك الامم والشعوب ان تستمر بسيرها وتتطور طبيعيا او تعيش وفق مشيئتها، حيث جزأتهم الى قوميات وكرست مفهوم القومية العنصرية حتى يؤدي بالبعض منهم الى النزعة الشوفينية، بالطبع ينبع ذلك من مفهوم الهندسة الاجتماعية، اي وضع قوالب جامدة للمجتمع، وقد عبر عنه رئيس الوزراء التركي أردوغان بكل وضوح من خلال قوله: (العلم الواحد، اللغة الواحدة، الوطن الواحد، الدين الواحد، الشعب الواحد، الدولة الواحدة). ان نزعة الاحادية في الاصل هي فكرة هتلر والتي تعني الفاشية والعنصرية في نفس الوقت، اما الامة فتحتوي بداخلها على الغنى الثقافي التعددي ولا تنحصر على مفهوم احادي النمط، لكن ما يتم تطبيقه الان هي سياسة انصهار اللغات الاخرى وانكارها، ويعد هذا قمة التخلف والرجعية واللانسانية. كما يتم تكريس هذه الذهنية بالعنف وابادة الشعوب المقاومة، ولكن مفهوم الامة الديمقراطية مفهوم جديد يناهض هذه النزعة الذهنية.
يُعرف القائد “عبدالله اوجلان” الامة الديمقراطية بانها تعني التعددية والمساواة، ولا يمكن لاية ثقافة ان تتحكم باخرى، وبامكان الشعوب ان تحيا على اسس الاخوة ولا داعي لوضع الحدود والعوائق بين الثقافات، بل يجب وجود تبادل ثقافي غني بين جميع الهويات والثقافات، وليس من الضروري على الاطلاق ان يكون لكل لغة وثقافة دولة، وبمكان الكل ان يعيش ضمن اطار الامة ديمقراطية. إذا وجد في وطنناً ما عدة امم فبامكانها ان تحيا مع بعضها البعض بمفهوم الامة الديمقراطية من دون الحاجة الى التجزئة. مثلا، في سوريا لا داعي ان يحيا الكرد بشكل منفصل بل بمكانهم العيش مع جميع التعدديات والاقوام الغنية الموجودة فيها استنادا على مفهوم الامة الديمقراطية، ولكن يجب ان يتمكن هذا الشعب من احياء ثقافته وممارسة لغته وادارة نفسه بنفسه كالشعب العربي، وكذلك على الشعوب والعقائد المختلفة الاخرى كالعلويين والدروز ان تحيا وتمارس عقائدها وثقافاتها بحرية. باختصار،

سوريا قادرة على احياء مفهوم الامة الديمقراطية نظرا لتعددياتها وغناها الثقافي

، كون هذا المفهوم يعني في نفس الوقت العيش المشترك والمساواة والوحدة البعيدة عن ذهنية التفرقة العنصرية والقومية الشوفينية.
نؤكد مرة اخرى بان الشرق الاوسط من اكثر المناطق القابلة على تحقيق مشروع الامة الديمقراطية وتمتلك ارضية خصبة من هذه الناحية وكذلك لتقارب واخوة شعوبها وتمازج ثقافاتهم واديانهم وعقائدهم المختلفة. لذا يمكننا القول بان هذه الشعوب قادرة على العيش المشترك كما كانت في سابق عهدها، ويمكنهم بناء نظامهم الكونفدرالي الديمقراطي وفق توجيهات الامة الديمقراطية. فكيف تمكنت معظم الدول الاوروبية من الغاء الحدود فيما بين دولها من بعد حروب دموية استمرت اعوام طويلة راح ضحيتها الملايين، كالحرب بين المانيا وفرنسا، فرنسا وانكلترا، المانيا وانكلترا بالاضافة الى الحروب الاهلية بين القبائل الانكليزية. ولم تكتفي اوروبا بذلك بل اسست الاتحاد الاوروبي الذي يرعى مصالح الكل حتى وإن كانت تعاني من ازمات اقتصادية كبيرة اليوم، ولكن لا نعتقد بان الاتحاد هو سبب هذه الازمة، بل السبب الرئيسي يعود الى مضمون الحداثة الراسمالية. اما إذا كانت بلدانها مجزأة فكانت الازمة ستكون اعمق. اتحدت 25 دولة، ولا يمكن لاحد ايقاف سيارة عابرة من بلد الى اخر، فهل سيكون تحقيق ذلك صعبا في الشرق الاوسط! كلا، ان شعوب الشرق الاوسط قادرة على تحقيق وحدتها ولها ارضية وقدرات تفوق شعوب المناطق الاخرى سواءً من الناحية الثقافية او التاريخية. وكحزب العمال الكردستاني لا نؤيد رسم حدود فيما بين الشعوب وهذا غير صحيح، وحتى نطالب برفع جميع الحدود الموجودة الان، كون الشعب العربي، الفارسي، الكردي، التركي، الارمني، الاشوري والسرياني وحتى الشعب اليهودي من اقدم شعوب هذه المنطقة وذو تاريخ مشترك. لا نؤيد الصهيونية ولا الفاشية، بل نطالب ببناء امة ديمقراطية تستند على الكونفدرالية الديمقراطية يعبر فيه الكل عن حريته من دون اي رادع. نسعى الى بناء وحدة رصينة ومتقدمة اكثر من الاتحاد الاوروبي، والى رفع الحدود القائمة وواثقين بان ذلك سيحقق رفاهية وحرية الشعوب ويحقق ديمقراطيتها حتى تتمكن من احياء قيمها الانسانية.
ينبغي لشعوب الشرق الاوسط السير وفق نهج الكونفدرالية الديمقراطية والتخلص من العقلية العنصرية الشوفينية ومن جميع المفاهيم التي تؤدي به الى النزاعات المذهبية والطائفية، لانها خطيرة للغاية وإذا لم يتحقق هذا، فستتوجه الحرب القائمة صوب هذا الاتجاه، لان هناك خطورة نزاع مذهبي وخاصة بين السنة والشيعة، وهذا بدوره يعني القضاء على حقيقة هذه المنطقة. على الكل ان يحيا بعقائده سواء أكان سنيا او شيعيا او مسيحيا او يزيديا، كون تاريخيا شاهد على ذلك، لذا فلا داعي لهذه النزاعات المذهبية التي لا تؤدي سوى الى الدمار والقتل وارتكاب الجرائم ضد الانسانية. يمكن التصدي لذلك عبر مفهوم الامة الديمقراطية، وهذا المفهوم سيرسخ ذهنية جديدة قادرة على حل قضايانا الداخلية بكل سهولة، لانه متى ما تمكنت شعوب الشرق الاوسط من حل قضاياها بنفسها ستتمكن حينها من التحرر من نير الحداثة الراسمالية. بهذا وحده ستتمكن شعوب المنطقة من احياء وحماية هويتها، لان في ذلك يوجد التصدي للعبودية واحياء جميع القيم الانسانية الذي فقده المجتمع تحت ظل ذهنية الانظمة الدولتية الديكتاتورية. اما المشروع الذي نسعى الى تطبيقه ليس لاجل الشعب الكردي فحسب بل لجميع شعوب المنطقة فهو بناء نظام الكونفدرالية الديمقراطية لانه يعني بناء مستقبل حر وديمقراطي.
كيف تقرأون دور الشعب الكردي في غرب كردستان وسوريا، من بعد اعلان ادارة ذاتية ديمقراطية في اغلب مناطقه، وما تاثير هذا الدور على العالم العربي والمنطقة؟
السيد مراد قره يلان: بلا شك، لسوريا دور هام في الشرق الاوسط، لذا فان الصراع القائم فيها شديد الوتيرة والحساسية. اما بالنسبة الى غرب كردستان، فانه الجزء الاصغر، ولكنه مكلف باقامة اواصر الاخوة بين الشعب الكردي والعربي، وقد دافع الشعب الكردي عن ذلك مرارا والكثير من الحروب والمعارك تشهد ذلك. فلا توجد عداوة تاريخية بين هذين الشعبين ويعيش مع بعضه البعض منذ القدم. فالترك قدموا الى المنطقة قبل الف عام، لكن الكرد، العرب، الارمن، الاشوريين، السريان، الفرس والازرين هم اقدم شعوب المنطقة. هناك علاقة تاريخية ما بين الشعب الكردي والعربي وخاصة عن طريق الدين.
حتى وان وقعت ابادات ومجازر جماعية في عهد صدام حسين ولكن لم يستطع هذا النظام البعثي الفاشي تأجيج العداوة بين الشعبين الكردي والعربي، واليوم فهو صاحب هوية ضمن اطار فيدرالية العراق، قد توجد هناك بعض المشاكل ولكن إذا ما تم التقرب بعقلية سليمة فبالامكان حلها، لانه تم حل القضايا الرئيسية. وينبغي ان تتطور في سوريا مرحلة جديدة صوب الحرية، اي ينبغي ان يبني الشعب الكردي نظام ادارته الذاتية الديمقراطية، وقد اعلن عن نظامه هذا في اغلب المناطق. وإذا لم يحدث اي تدخل من اي جانب الان وفي المستقبل، فستزول التناقضات الموجودة مع احلال النظام الكردي الجديد الذي يعتمد على ادارة ذاتية ديمقراطية. وحتى ستزداد اواصر الاخوة الكردية-العربية، ويسعى الكرد من خلال هذا النظام الى احياء لغتهم وثقافتهم والانضمام الى سوريا الديمقراطية على هذا الاساس.

لا يطمح الكرد الى حكم دمشق ولا الى التحكم باحد، بل يطالب الاعتراف بحقوقه الطبيعية

وعلى العرب ان يتقربوا من الشعب الكردي على هذا الاساس. حتى وإن عان الشعب الكردي في غرب وجنوب كردستان من بعض الضغوطات على يد النظامين السوري والعراقي البعثي، إلا انها لم تؤدي الى زرع عداوة تطيل العلاقات الاجتماعية والتاريخية بين الشعبين، ولم يكن بمستطاع النظامين تاجيج العداوة بينهما. بما ان غرب كردستان يعتبر الجزء الاصغر بالنسبة الى الاجزاء الكردستانية الاخرى، فبامكانه ان يلعب دور جسر التواصل الاخوي بين الشعب الكردي والعربي وحتى الشعوب الاخرى ولعب دورا فعالا في تحقيق دمقرطة سوريا بعيدا عن الانفصال. كذلك لهذا الجزء خاصية اخرى تميزه عن الاجزاء الاخرى وهي معرفة القائد “عبدالله اوجلان” والتعرف على فكره ونهجه عن قرب من بعدما بقي القائد فيه ثماني عشرة عاما، لذا فشعبنا في هذا الجزء شعب يعي ايديولوجية وفكر القائد، ويعي تماما بانه دعى وعلى الدوام الى بناء اخوة الشعوب ومنه اخوة الشعبين الكردي والعربي، الى جانب سعيه المستمر في تحقيق نهضة الشرق الاوسط. لذا يمكننا القول بان القائد “عبد الله اوجلان” ليس قائداً كردياً فحسب، لانه ولى اهتماما بالغا بتحقيق دمقرطة الشرق الاوسط وفق ذهنية جديدة، وما اطروحاته ومقترحاته التي ابدى بها في مرافعاته بصدد الشرق الاوسط إلا خير دليل على ما نذكره. لذا ان شعبنا في غرب كردستان مكلف بترسيخ فكر القائد في تحقيق الديمقراطية وتأدية واجبه التاريخي هذا في عموم الشرق الاوسط.
كيف تقيمون دور تركيا بقيادة حزب العدالة والتنمية في الشرق الاوسط وخاصة في سوريا وموقفها حيال الشعب الكردي من بعد اعلانه ادارة ذاتية ديمقراطية وفق مفهوم الامة الديمقراطية؟
السيد مراد قره يلان: نستطيع القول بان دور تركيا في الشرق الاوسط يشبه دور حصان طروادة. حيث تكفلت بدور الوسيط للراسمالية الغربية من خلال سعيها الى اعادة تنظيم المنطقة وفق مصالحها تحت ستار الدين بدل من مصالح شعبها والمنطقة، لانه ليس حزبا دينيا، والامر ليس على هذا المنوال، فنجم الدين اربكان هو الذي كان يسعى الى تطوير الفكر الاسلامي، من خلال حزب الرفاه وثم السلام وثم السعادة، لكن اخانتها حزب العدالة والتنمية، لانه لا يمثل الفكر الاسلامي بل الاستسلام وحتى التركياتية في حقيقته، وهذه هي موجة داخل تركيا. حيث وجد جناحين ضمن جمعية الاتحاد والترقي التي كانت موجودة في العهد العثماني، اعتمد احده على العلمانية والاخر على الدين، فالجناح العلماني سعى الى وضع كل شيء في خدمة التركياتية ومنه الدين، وهذه التركيبة تسمى بـ “التركية الاسلامية”، والهدف من هذه التركيبة هو استغلال الدين في خدمة التركياتية، ونرى بان اردوغان يحتل مرتبة الصدارة في استغلال الدين في خدمة التركياتية، واتحد مع قوى الحداثة الرأسمالية على هذا الاساس. لذا نراه يقوم بادلاء بعض تصريحات وكأنها مناهضة لاسرائيل ولكن كان تزييفا وخداعا لا غير، ومن بعد ذلك صفقت له البعض من الدول العربية واعلنته كطليعي لها، لكن الشعب المصري والتونسي ادرك حقيقة الامر وحتى إن كان متأخرا، من بعدما قام بجولة الى هناك وكأنه يلقنهم الدروس. وقد ابدى البعض من اخوان المسلمين موقفهم منه وفهم البعض حقيقة امره قائلين: انه لم ياتي الى هنا لاعطائنا الدروس والنصائح. ان اردوغان وامثاله عنصريين في حقيقتهم ويستخدمون الاسلام لخدمة مصالحهم ويؤدون الدور الذي كلفتهم به القوى الخارجية في المنطقة.
ان تركيا لا تسعى الى دمقرطة سوريا وانما تحويلها الى ولاية تركية مثلما كان عليه في العهد العثماني، لان حزب العدالة والتنمية يسعى الى تشكيل امبراطورية عثمانية جديدة، وكأن الوطن العربي من ميراثه القديم وعليه ان يضعه تحت حمايته بطريقة ما. وهذا بدوره يكمن وراء مساندة تركيا لقوى المعارضة في سوريا وليس طلبا في الديمقراطية او التصدي للاستبداد. لتركيا هدفين اساسيين في سوريا، الاول: تحويل سوريا الى ولاية تركية وسوقا لتجارتها في المستقبل. الى الامس القريب كانت تؤيد النظام ولكن غيرت من مواقفها حال ما تغيرت التوازنات الدولية واصبح مستقبل النظام السوري مجهولا. اما الهدف الثاني: تحطيم ارادة الشعب الكردي في سوريا واعاقة تحقيق حريته وديمقراطيته، لان حزب العدالة والتنمية تكفل بتلبية دوره في المنطقة مقابل عدم الاعتراف بالهوية الكردية وانكار الوجود الكردي والتصدي لاهدافه في الحرية والديمقراطية. حيث لها حسابات مستقبلية اولا وثانيا تبذل قصارى جهدها حتى لا ينال الشعب الكردي حقوقه المشروعة في سوريا، وهذا ما يدل على عدم الاخلاص والوفاء لبناء اواصر واخوة الشعوب على الاسس الديمقراطية.
هل لكم من نداء للشعوب المناضلة في سبيل بناء شرق اوسط ديمقراطي مستند على النظام الكونفدرالي الديمقراطي؟
السيد مراد قره يلان: ان ما يمكننا قوله لجميع شعوب الشرق الاوسط هو ان حزبنا “حزب العمال الكردستاني” يناضل في سبيل اخوة وحرية جميع شعوب المنطقة، بقدر ما يناضل لتحقيق كردستان حرة ديمقراطية. تحتوي حركتنا على العديد من كوادر ينتمون الى قوميات مختلفة، فهناك من ينتمي الى اصل عربي وكذلك تركي وفارسي وارمني، لاننا كحركة نسير على نهج استقلال وحرية واخوة الشعوب. ان فكر القائد “عبدالله اوجلان” ليس لاجل تحقيق حرية الشعب الكردي فحسب، بل لاجل تحقيق حرية جميع شعوب المنطقة. وكحزب العمال الكردستاني نسعى بكل ما نملك حتى تنال شعوب المنطقة حريتها، وبالاخص نعتبر الشعب العربي كاخ واقرب صديق للشعب الكردي ونتمنى النصر له في جميع خطواته النضالية لاجل تحقيق السلام والحرية. كما نناهض جميع انواع التدخلات الخارجية، وعلى شعوب المنطقة ان تحقق حريتها بارادتها الحرة وتحل مشاكلها بنفسها. فإذا كانت سوريا تعاني من قضايا عديدة وعلى راسها قضية الحرية والديمقراطية فعلى الشعب السوري ان يحل ذلك من دون اي تدخل خارجي. علينا كشعب هذه المنطقة ان ندافع عن شرفنا وكرامتنا وهويتنا، ولا داعي ان يأتوا الغير للتحكم بنا، كوننا قادرين على ادارة انفسنا بانفسنا وارضيتنا الاجتماعية والثقافية والاقتصادية والتاريخية خصبة لتحقيق ذلك. ان عقلية الاعتماد على القوى الخارجية باتت عقلية رجعية ولا داعي لانتظار فرنسا وانكلترا وامريكا وروسيا حتى يحققوا حريتنا. ان الثقة بالذات والتحلي بارادة قوية استنادا على الميراث التاريخي سيؤدي بنا الى بناء حضارة ديمقراطية، وسنكون قادرين على حماية قيمنا الانسانية والدفاع عنها عبر بناء نظام كونفدرالي في الشرق الاوسط. بهذا وحده ستتمكن الشعوب من تحقيق اماله في الحرية والسلام وستمتن اواصر الاخوة التاريخية وستعلى القيم المعنوية لدينا. ان التطورات الموجودة على الساحة تزيد من امالنا في نيل شعوب المنطقة حريتها، ومتاكدين تماما بانها ستحقق ذلك ميدانيا من دون الرضوخ تحت اقدام الجيوش الخارجية، لانها تعتمد على قوتها الذاتية وتقدم كل غال في سبيل تحقيق اهدافها وحماية قيمها الديمقراطية. بذلك وحده سنتمكن معا من بناء شرق اوسط ديمقراطي حر.

كاتب

التعليقات مغلقة.